خلقنا الله سبحانه وتعالى في هذه الدنيا؛ لا لهدفٍ غير عِبادته سبحانه، وهذا الأمر واضحٌ في قوله تعالى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ)، فالغرض من خلقهم هو عبادته جلَّ وعلا؛ وهو الغني عنهم وهم الفقراء إليه. إن الله يحِبُّ من عباده الكثير من الأعمال، فالله يُحِبُ عباده الذي يؤدون أوامره ويجتنبون نواهيه. إن ما يُحِبُّ الله من عمل عِباده هو عمل ما فرضه الله عليهم، من صلاة وزكاة وصيام وحج إن استطاع إليه سبيلاً. توجد في القرآن الكريم آية سُمِّيَت بآية المحبة وهي قوله تعالى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ)، فالله سبحانه وتعالى يُحبُّ من عباده من يتَّبع هديَ نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، فالمحبة هي أساس العمل في الدين، فالخوف من الله ورجاء مغفرته تستلزم أن يكون العبدُ مُحِبَّاً لِما يؤديه وراجياً من وراء أعماله رِضا الله سبحانه ومحبته له.
توجد آياتٌ كثيرة في كتاب الله الحكيم تُبيِّن للناس الأعمال التي يجب أن يقوموا بها؛ أو الصفات التي يجب أن يتَّصِفون بها حتى ينالوا محبة الله عزَّ وجلَّ. ومن هذه العمال أو الصفات ما جاء في قوله تعالى (إن الله يُحِبُّ المحسنين)، والإحسان أعلى درجةً من الإيمان، وهو أن تعبُد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. وكذلك يُحِبُّ الله المتَّقين، والمتقين هم الذي يخافون الله سِراً وعلانية، فلا يقتربون مما نهى الله عنه خوفاً من غضبه وابتغاء مرضاته؛ وخصوصاً في فترات خلوتهم، حيث لا يمكن لأحدٍ أن يراهم؛ ولكنهم لا يقترفون المعاصي خوفاً من الله واتِّقاءاً لغضبه. والله يحبُّ الذي يتوكلون ويعتمدون عليه، ولا يكون التوكُّل بترك العمل، بل بالعمل على قدر استطاعة الإنسان ثم التوكل على الله سبحانه وتعالى. ويُحب الله الصابرين من عباده، والصابرون هم الذي يصبرون على محارم الله، فلا يقربون ما حرَّم الله ويصبرون حتى يقضِيَ الله امراً كان مفعولاً. العادلون بين الناس يُحِبُّهم الله، فمن لا يظلم ولا يتعدَّى على حقوق الغير مع أن لديه القدرة على فِعل هذه الأمور؛ يُحِبُّه الله سبحانه وتعالى. وكذلك يُحبُّ الله عباده الخطَّائين إن تابوا ورجعوا إليه، ويُحب الذي يتطهَّرون من الحدث إن أصابهم، سواء الحدث الأكبر او الأصغر. الصلاة من الفرائض التي يُحِبُّ الله أن يؤديها عبده، ولكن أحبَّ ما في هذا الأمر أن يُصلي العبد صلاته في وقتها، فهي أحبُّ إلى الهت من مُجرَّد الصلاة فحسب. برُّ الوالدين من الأعمال التي يحبُّها الله، وقد جعلها رسولنا صلى الله عليه وسلم بالمرتبة الثانية بعد الصلاة على وقتها؛ وقبل الجهاد في سبيل الله، حتى أن من أراد الجهاد وعنده والدين على قيد الحياة؛ فالأولى به ان يرعاهما ويبرهما.
وهُناك عملٌ هو أحبُّ عند الله سبحانه وتعالى من الصيام والصلاة والصدقة، وهي إصلاحُ ذات البين، فلا يترك الرجل شيئاً باستطاعته عمله حتى يُعيد الإستقرار لعلاقة تكاد أن تنتهي بين طرفين وخصوصاً بين زوجين يكادان أن يفترقا. هذا العمل يدعو إلى درء الفتنة وتوحيد الصف وصفاء النفوس، فيكون المسلمون متحابين ليس بينهم بغضاء ولا شحناء. ويُعيد للبيت المسلم استقراره إذا وقع خِلافٌ بين رجلٍ وزوجته؛ فقام بالإصلاح بينهما وأعاد المياه إلى مجاريها بينهم، فتستمر الحياة بينهما والتي كادت أن تنتهي لولا هذا الرجل الذي بذَل كل ما يستطيع من أجل إستمرارهما معاً.
المقالات المتعلقة بأكثر عمل يحبه الله